أرشيف التصنيف: Uncategorized

المعلم والتلميذ

*قصة جميييييلة* 😍♥️🍃

..انا مدرس …ادرس طلاب المرحله الابتدائيه …
حنون
وقلبي طيب مو مدح بنفسي بس انا من النوع اللي اعشق الاطفال وعلشان كذا كان حلمي اكون مدرس ادرسهم واعلمهم واختلط بعالمهم الجميل البرىء ….وطبعا انا ادرس الصف الاول الابتدائي وخبركم هالعمر جدا حساس وبكاي خصوصا اول السنه لانهم مو متعودين على اجواء المدرسه …وكان عندي طالب صغير جميل جدا جدا سبحان الذي خلقه فصوره …شعره كستنائي وعيونه ذهبيه …طبعا هالطالب مميز بين اقرانه بالشكل يعني ملفت بالنظر بين اسمرار بقيه الطلاب …وكان جدا فصيح وشجاع وكلامه واسلوبه يشهد ان المرأه اللي ربته انسانه من أعقل واحكم النساء …بعطكيم مثال …هالطفل بسميه خالد …خالد هذا ماشاء الله على الرغم من صغر سنه الا انه حافظ ثلاث اجزاء من القران الكريم …وبعد حافظ عدد لابأس به من الاحاديث النبويه …وذكي جدا وماعمره بكى مثل بقيه طلاب الصف الاول …طبعا هو الوحيد اللي كان يدوام بدون ولي امر ..وبعد التفحص والسؤال عن حاله اتضح لي انه يتيم الاب والام …تفاجأت جدا جدا …طيب مين علمه كل هاالامور …وفين عايش !!! ومين يوصله يوميا للمدرسه …قتلني الفضول لمعرفه مين هي مربيه هذا الطفل الشامخ …في يوم من الايام واثناء الفسحه ناديته لمكتبي علشان اسولف معه واعرف اكثر عن حياته بحكم انه يتيم كنت احس بالحنان والعطف تجاهه …وهو الصغيرون ماقصر علمني بكل شيء يخص حياتهم وان خالته هي اللي ربته من يوم كان صغير لان امه وابوه توفو بحادث رحمه الله عليهم …سألته خالتك الان كم تبلغ من العمر .. جاوبني انها مازلت بالجامعه
استغربت كنت احسبها كبيره بالعمر ماتوقعتها بهالعمر الصغير واحسنت بل تفوقت بتربيه هالطفل …قال لي خالتي كل يوم قبل ماانام تقول لي سر ….قلت له وايش هالسر ؟؟؟ قال لي السر مايصلح يطلع بين شخصين …وهو يتكلم لاحظت دمعه بعيونه …قلت اووووه لهدرجه السر مهم وماينقال قول يابابا واوعدك مااعلم احد .. قال لي خالتي محلفتني ماقول لحد وقعد يمسح دموعه وانا جلست اواسيه واشتريت له من المقصف و مااخفيكم ان صابني ذهول وفضول لمعرفه هالسر اللي ابكي طفل عمره مايتجاوز ست سنين . …والله منظره ماغاب من مخي ثانيه واحده لدرجه اني متعود ماتفوتني القيلوله كل يوم الا اني ذاك اليوم ماقدرت انام ولا اغفى ..صوره الطفل ودموعه وسره مو غايبه عن بالي … باليوم الثاني ترقبت الطفل ولقيته يلعب مع اصحابه ناديته عندي وطلعت له هديه صغيره مغريه قلت له هذا هديتك بس بشرط مااعطيك ياها الا اذا قلت لي السر المهم رفض يخبرني شيء مع انه كان طاير ومبسوط بالهديه بس رفض ياخذها علشان مايعلمني بالسر . كنت حاس ان هالسر شيء كبير وقلبي دليلي بهالامور .. قلت له طيب انت حافظ رقم جوال خاله ..قال لي لا ..قلت خلاص يصير خير وعطيته الهديه وانا بالي مشغول …المهم مر اسبوع وبعد هالاسبوع هالطفل تغيب يوم يومين ثلاث ..اسبوع وماله حس ولا خبر …رحت للمرشد سألتهم عن الطالب قالو لي انهم اتصلو على جده وقال لهم عندهم حاله وفاه …قلبي طاح من الخبر حسيت كنهم اهلي لدرجه اخذت العنوان وطرت بسيارتي لبيتهم وفعلا دخلت وسلمت على الجد وعزيته وانا كنت متوقع ان الجده هي اللي متوفيه لكني حزنت بشده لما عرفت ان الخاله الصغيره الجامعيه هي اللي توفت الله يرحمها كان معها سرطان ….قعدت ادور عن الطفل كان ودي اضمه واخذه بحضني لقيته جالس بكل براءه وهاديء جدا . استغربت حاله معقوله مايدري ان خالته توفت معقوله محد قاله …سلمت عليه وجلست جنبه وماقدرت انطق بكلمه كان حاله محزني بقوه …لانه فقد ابويه وهاللحين فقد خالته اللي ربته .. مادريت الا وانا امسح دموعي بطرف شماغي قال لي ياأستاذ لاتبكي خالتي اصلا بالجنه ….
قلت باستغراب وشو قال لي ايه هذا السر ياستاذ اللي ماقدرت اقوله لك كل يوم قبل مانام خالتي كانت تقول لي انا رايحه الجنه لاتبكي علي ياخالد الجنه حلوه فيها كل شيء حلو ليش نبكي على الناس اللي يروحون لها لازم نكون مبسوطين علشانهم علشان كذا انا مبسوط ومابكيت على خالتي لانها بالجنه …. يالله ياناس كلماته البريئه جدا جدا جدا اثرت فيني لدرجه البكاء ….مااعظم هالطفل ومااعظم كلماته …لامس عواطفي بقوه قوه تفاؤله …
طبعا من ذاك اليوم وانا اعتبر هالطفل ولدي اللي ماخلفته …يوميا اوصله واخذه للمدرسه وهو اللحين وصل للصف السادس الابتدائي وقريب بيتخرج ويترك المدرسه واحس بحزن بقلبي لان خلاص راح نفترق ماعاد بشوفه يوميا …دعواتكم لخالته الله يرحمها ولوالديه ودعواتكم لهالولد اللي اتوقع له شأن عظيم بالمستقبل
قصه تحكي عن اهمية زراعة القيم لدى الاطفال ومدى تاثيرها وتاصيلها في نفوسهم خصوصا قبل النوم ✨

الطرق المناسبه لتقديم النصيحه من غير ان تحرج اوتجرح المنصوح

أولاً :

تهيئ المنصوح لقبول النصيحة والبدء بذكر محاسنه واعماله الطيبة فإن بدأت بذكر محاسنه ومدحه فتلقائيا ستجد لديه قبول لما ستنبهه عليه

بمعنى النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يقدم النصيحة إلى أحد في البداية يهيئه لقبول النصيحة ..

مثال : معاذ بن جبل (رضي الله تعالى عنه) كان يصلي ويقوم بعد الصلاة أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يقدم إلى معاذ نصيحة

في ذكر يقوله بعد الصلاة فهل أقبل النبي صلى الله عليه وسلم إلى معاذ وامسكه وقال : يامعاذ قل بعد الصلاه كذا وكذا ، لا .. هيأه اولاً

اعطاه كلام جميل قبل إعطاهه النصيحة .

قال -صلى الله عليه وسلم- يامعاذ والله إني أحبك “معاذ انبسط ثم قال ” فلا تدعن في دبر كل صلاة ” اللهم اعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ”

هنا مالعلاقه بالله بين الحب .وبين ماقول هذا الذكر بعد الصلاة ..تهيئه حتى يفتح شهيته ليقبل النصيحة.

ثانياً :

لاتدقق على كل شيء وانظر دائما إلى الجانب الإيجابي واحرص أن لايكون أسلوبك خلال النصح أنك تدقق عليه وتراقبه في ذلك سينفر منك

بعض الناس في تربيته لاولاده او احيانا حينما يتعامل مع الناس لايرى في الصفحة البيضاء إلا الاسود مثلا ولو وضعت له طعاما حسناً جميلاً

لما اثنى على الطعام إنما يتكلم عن شعره سقطت في الصحن خطأ .لاتدقق على كل شيء ولاتكن متصيدا الاخطاء .

تقول عائشة رضي الله عنها وهي تصف النبي صلى الله عليه وسلم قالت : دخلت على النبي في الضحى قال : هل عندكم طعام ؟

قالت ماعندنا طعام : ماقال النبي لماذا لم تستيقظي وتحضري لنا الطعام قال إذا إني صائم.

ثالثاً :

التلميح للخطأ من غير تصريح ، مثل : تلميح النبي لبعض اصحابه كان إذا رأى خطأ لاصحابه يقوم ويقول مابال اصحابي يفعلون كذا وكذا

يعني الذي فعل يفهمها يترك ماكان يفعل .

رابعاً :

أن تضع نفسك في مكان المنصوح ، بمعنى إذا أردت أن تنصح لاتجلد الذي أمامك جلدا إلى درجة إنه يشعر إنه ارتد عن الدين

بهذا ضع نفسك في موضع الملوم ربما يكون المسكين مضطرا الى هذا الفعل.

خامساً :

إذا كان الامر انتهى لا تلم ولا تنصح بمعنى احيانا يكون الامر حصل وانتهى فكونك تأتي الشخص الذي أمامك وتلومه وتتكلم عليه لا فائده

فالامر انتهى مثل : لو إن إنساناً أهمل ولده فخرج الولد إلى الشارع وصدمته سيارة ومات هل مناسب تأتي في العزاء وتقول احسن الله عزاءك

ومرة أخرى انتبه لابنائك ، لافائدة الامر انتهى

أفضل الطرق لتقديم النصيحة

جميعنا يخطأ ومن الواجب علينا تقديم النصيحة عند رؤيتنا للخطا حتى لايتسبب الخطا في إحراج صاحبه او حتى لايتزايد حجم المشكلة

لكن احيانا النصيحة تكون سببا لزيادة المشكلة خصوصا لأولئك الذين لايجيدون تقديم النصائح فنجدهم يباشرون في ذكر الخطأ من دون تفكير

وكثيرا يؤدي ذلك الى غضب المخطئ خصوصا اذا قدمت له النصيحة في مجلس عام وأمام الجميع .

مثال : أنت في مجلس عام واحد معارفك اوحتى في طفل مثلا يتكلم بأسلوب غير لبق

ويستخدم ألفاظ غير محترمة ومن حوله يتمسخرون عليه لذلك أنت تريد تنبيه حتى يتوقف عن التلفظ بتلك الالفاظ لكن بطريقة لاتحرجه

وبطريقه لاتلفت اأنظار من حوله

هل يتوجب علينا تنبيه المخطئ في اللحظه التي نرى فيها الخطأ؟

أم علينا ان ننتظر الى ان ينصرف الاخرون؟ علماً بأن الخطأ قد يستمر في التزايد اذا لم توجد وسيلة لتنبيه المخطئ ..

ياترى ماهي أفضل طريقه يمكن فيها تنبيه المخطئ على خطأه بطريقة لاتتسبب في وقوع المشاكل من وجهة نظرك أنت ؟؟

قال صلى الله عليه وسلم “واذا استشار احدكم اخاه فلينصحه”

النصيحة اعتبرهاا فن ، قل من يتقنه وأفضل الطرق لها ” النصيحه بالسر ”

فالانسان بطبعه يكره التشهير ويعتبر النصيحه أمام الناس فضيحة

وايضا ” التلميح دون التصريح ” احياناً يكون التلميح بالنصيحه أفضل من التصريح..

((( في خمس نقاط …… النصيحه وفقا لهدي الرسول الكريم )))

تحدث الدكتور محمد سعيد البوطي خلال مشاركته في إحدى حلقات “محاضرة الاسبوع” على قناة الرسالة

عن كيفية جعل نصيحتنا مقبولة عند الناس واستعرض عدة طرق لإتمام ذلك .

وأشار إلى ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يبايع اصحابه على نصيحة الاخرين ، وكان صلى الله عليه وسلم يقول “الدين النصيحة”

بمعنى أن من أهم شعائر الدين بذل النصيحة للناس ، و وأضح أن النصيحة ليس المقصود بها أن نحرج الاخرين بنصيحتهم ، إنما المقصود

أن نقدم النصيحة إليهم بأسلوب حسن حتى يستطيع الذي أمامي أن يقبلها .كلنا نحفظ قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد

الذي رواه مسلم لما قال “من راى منكم منكرا فليغيره..كيف يغيره يارسول الله ؟ قال فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه

فإن لم يستطع فبقلبه “وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل.

ولكن السؤال ماهو الاسلوب والطريقة المناسبة من أجل أن تقدم النصيحة للاخر؟

شاركوني آراؤكم

وتأكدوا ان الكثير سيستفيدون من مشاركتكم ولكم الاجر والثواب

يتبع…

قصة التواضع والتكبر

ثلاثة من بني إسرائيل رفع كل منهم يديه إلى السماء يدعو الله أن يفرّج عنه ما فيه من مصاب .
أما الأول فكان أبرص ، وأما الثاني فأقرع ، والثالث أعمى .
فأراد الله سبحانه وتعالى أن يختبرهم ، فأرسل إليهم ملَكاً .
– فلمّا جاء الأبرصَ قال : أي شيء أحبّ إليك ؟
قال : لون حسَن ، وجلد حسن، ويذهب عني هذا البرَصُ الذي استقذرني الناسُ له ، فتقزّزتْ نفوسُهم ، وتحاشَوني .. إني لأشعر بالأسى يجرح شعوري ، والخزي ِ يلاحقـُني .
قال الملَك : ألا ترى أن الصبر على ذلك ثوابُه الجنـّة؟
قال : بلى ، ولكنّ العافية أوسع لي .
قال الملك : ولَئِنْ شفاك الله ما أنت صانعٌ؟
قال : الشكرُ لله سبحانه ، ولأكونَـنّ عند حسن ظن ربي بي .
فمسحه الملك ، فذهب عنه قذَرُه ، وانقلب كأحسن ما يكون الرجلُ .. لونٌ حسنٌ ، ومنظرٌ بهِيّ ، وعافيةٌ . .. كل ذلك بإذن الله سبحانه .
ثم قال الملَك : أي المال أحبّ إليك؟
قال : الإبل . … فأعطاه الملَك ناقةً عُشَراءَ ( حاملاً) ، وقال له : بارك الله لك فيها …
– وأتى الملَكُ الأقرعَ ، فقال : أي شيء أحبّ لك ؟
قال الأقرعُ : شعر حسنٌ ، فإن ذهاب شعري وتقيّح رأسي نفـّر الناس منّي ، وكرّهني إليهم .
قال الملك : ولكنّ الصبر على هذه البلوى واحتساب الأجر عند الله خير .
قال الأقرع : نعم ، ولكنّ العافية أوسع لي .
قال الملك : ما تصنع إن شفاك الله وجمّلك ؟
قال : الشكرُ لله نُصب عيني ، ولأكونَنّ عند حسن ظن ربي بي .
فمسحه الملَك ، فذهب عنه درَن رأسه بإذن الله تعالى ، وكُسِيَ شعراً جميلاً أظهر حُسنَه ، فامتلأ سعادة .
ثمّ قال الملك : أيّ المال أحبّ إليك ؟
قال الرجل : أحبّ البقر . … فأعطاه الملك بقرةً حاملاً ، وقال له : بارك الله لك فيها …
– وأتى الملك ثالثهم – الأعمى – ، فقال : أيّ شيء أحبّ لك ؟
قال الأعمى : أن يرد الله عليّ بصري ، فأبصر كما يبصر الناس .
قال الملك : ألست معي أن الابتلاء مع الصبر يرفع درجات المؤمن في الجنّة ؟!
قال الأعمى : بلى ، لست أنكر ذلك ، ولكنني أتحاشى الناس كي لا يقعوا منّي على ما يكرّههم فيّ ، وأرجو ربي أن يعينني على شكره .
فمسحه الملك ، فردّ الله عليه بصره . ثم قال له : أيّ المال أحبّ إليك ؟
قال : الغنم … فأعطاه الملك شاة والداً ، وقال له : بارك الله لك فيها …
فأنتج الأول إبِلاً كثيرة ملأت الوادي .
وأنتج الثاني بقراً كثيراً ملأ الوادي .
وولد الغنم ، فكان له منها وادٍ ممتلئ.
مرّت الأيامُ ، وعاش هؤلاء الثلاثة في رغَدٍ من العيش وبُحبوحة . وعادوا في الناس كأحسن ما يكون الرجل في أهله وعشيرته ، وكان لهم في أقوامهم ومعارفهم العزُّ والسؤدُدُ …
وحان وقتُ الاختبار … ألمْ يدّعِ كل منهم أن يكون لله عبداً شكوراً ؟ وأن يحسن إلى الفقراء والمرضى وأبناء السبيل وأهل الحاجة ، وأن لا يرد أحداً قصَدَه ؟ وأن يكون عند حسن ظن ربه به ؟ والسعيدُ من صدَق اللهَ وعدَه.
جاء الملك إلى من كان أبرص فشفاه الله … جاءه على هيئته يوم كان أبرص تكره العينان رؤيته .
فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلن أصل إلى أهلي وبلدي إلا بفضل الله ، ثم بجودك وكرمك .. أرجو أن تهبني جملاً يبلّغني الأهل والبلد .
قال : كنت أود أن أعطيك ، ولكنني لا أستطيع لكثرة حقوق الناس عليّ وضيق يدي .
قال الملك : أسألك بالله الذي أعطاك اللون الحسن ، والجلد الحسن ، والمال الوافر أن لا تبخل عليّ ، وأن تكرمني كما أكرمك الله .
قال : لا تُكثر المسألة أيها الرجل ، هيا اغرب عن وجهي .
قال الملك – وهو ما يزال على هيئة الأبرص – يذكّره بما كان عليه ، علّه يرعوي ، فيفي اللهَ ما وعده : كأني أعرفك ؛ ألم تكن أبرص يقذرك الناس فجمّلك الله ؟ وفقيراً ، فأغناك الله ؟
قال الرجل منكراً ذلك جاحداً نعمة الله وفضله : لم أكن كما تدّعي – أيها الأفـّاك – إنما ورثت المال عن آبائي العظام وأجدادي الكرام ، كابراً عن كابر .
وهنا قال الملك بعد أن ذكـّر فأعذر : إن كنت كاذباً فإني أسأل الله أن تعود كما كنت .
وفجأة عاد الرجل – كما كان – أبرص كريه المنظر .. لم يف ما قطع على نفسه لله من عهد ، فعاد سيرته الأولى جزاء غدره وإخلافه .
وأتى الملك من كان أقرع على هيئته وصورته ، فقال له مثل ما قال لسابقه . فردّ عليه بمثل ما ردّ الأبرصُ عليه . فدعا الملك عليه أن يعود أقرع كما كان يقذره الناس ويتحاشونه ، فعاد المسكين كما كان جزاء وفاقاً .. لم يحفظ نعمة الله عليه بالشكر وأداء الحقوق .
وجاء الملك إلى من كان أعمى على هيئته وصورته السابقة فقال :
رجل مسكين ، وابن سبيل ، انقطعت بي السبل في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك . أسألك بالذي ردّ عليك بصرك ، ورزقك من فضله العميم شاةً أتبلغ بها في سفري .
نظر الرجل إليه في ضعفه وفقره فأشفق عليه ، وتذكر ما كان هو عليه من هذا الضعف وقلة الحيلة ، فحمد الله تعالى على لطفه فيه .. وبالشكر تدوم النعم .
ثم قال له : صدقت فيما قلت يا أخا الإيمان ، لقد كنتُ كما قلتَ . وقد ردّ الله عليّ بصري ، وأكرمني فرزقني ، وأقسمت لأكوننّ من الشاكرين ؛ فخذ ما شئت من الغنم ، وما رغبتَ من المال ، ولن أمنعك ذلك ، فلله المنّة أولاً وآخراً .
قال الملك : أمسك عليك مالك ، بارك الله لك فيه ، إنما اختبرك الله وصاحبيك ، فرضي عنك وسخط عليهما .
متفق عليه / رياض الصالحين .

أسباب الخشوع

أخي الكريم-أعلن حفظك الله- أن الخشوع ما هو إلا ثمرة لصلاح القلب واستقامة الجوارح ولا يحصل ذلك إلا بمعرفة الله جل وعلا،والإيمان به وبملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره،ومعرفة أمره والعمل به ،ومعرفة نهيه واجتنابه ،والإيمان برسول الله صلى الله وسلم واتباعه.ثم اقتران ذلك كله بالإخلاص.لذلك فإن مرد أسباب الخشوع كلها إلى هذه الأمور.

1) معرفة الله: وهي أهم الأسباب وأعظمها ،وبها ينور القلب ويتقد الفكر وتستقيم الجوارح ،فمعرفة أسماء الله وصفاته تولد في النفس استحضار عظمة الله ودوام مراقبته ومعيته.ولذلك قال الله جل وعلا:”فاعلم أنه لا إله إلا الله”.
فالعلم اليقين بلا إله إلا الله ،يثمر في القلب طاعة الله وتوقيره والذل والانكسار له في كل اللحظات،ويعلم المؤمن الحياء من الله لإيقانه بوجوده ومعيته وقربه وسمعه وبصره.قال تعالى: { وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ }[الحديد:4].
فاعلم-أخي الكريم- أنك متى ما عودت نفسك مراقبة الله في أحوالك كلها أورثك الله خشيته ووهبك الخشوع في الصلاة,وذلك لأنك حينما تستحضر معية الله في أقوالك وأفعالك فإنما تعبد الله بالإحسان،إذ الإحسان هو:”أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه براك”كما في حديث جبريل [رواه مسلم].

2) تعظيم قدر الصلاة : وإنما يحصل تعظيم قدرها ،إذا عظم المسلم قدر ربه وجلال وجهه وعظيم سلطانه واستحضر في قلبه وفكره إقبال الله عليه وهو في الصلاة، فعلم بذلك أنه واقف بين يدي الله وأن وجه الله منصوب لوجهه ،ويا له من مشهد رهيب ، حق للجوارح فيه أن تخشع وللقلب فيه أن يخضع، وللعين فيه أن تدمع .قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”إذا صليتم فلا تتلفتوا فإن الله ينصب وجهه لوجه عبده في الصلاة ما لم يلتفت” [رواه مسلم]. ولذلك كان السلف رضي الله عنهم يتغير حالهم إذا أوشكوا على الدخول في الصلاة، فقد كان على بن الحسين ‘ إذا توضأ صفر لونه فيقول له أهله:ما هذا الذي يعتريك عند الوضوء ؟فيقول : أتدرون بين يدي من أقوام؟ [رواه الترمذي وأحمد].
وهذا مسلم بن يسار تسقط أسطوانة في ناحية المسجد ويجتمع الناس لذلك ،وهو قائم يصلي ولم يشعر بذلك كله حتى انصرف من الصلاة.

3) الاستعداد للصلاة: واعلم – أخي الكريم – أن استعدادك للصلاة هو علامة حبك لله جل وعلا ،وأن حرصك على أدائها في وقتها في وقتها مع الجماعة ، هو علامة على حب الله لك ،قال تعالى في الحديث القدسي:”وما تقرب إلي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه ” [رواه البخاري].
ولذلك فإقامة الصلاة على الوجه المطلوب هو أول سبب يوجب محبه الله ورضوانه ،وإنما يكون استعدادك – أخي الكريم – بالتفرغ للصولة تفرغاً كاملا، بحيث لا يكون في بالك شاغل يشغلك عنها ،وها لا يتحقق إلا إذا عرفت حقيقة الدنيا،وعلمت أنها لا تساوي عند الله جناح بعوضة،وأنك فيها غريب عابر سبيل سوف ترحل عنها في الغد القريب.قال صلى الله عليه وسلم: “كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل”.
وكان عبدالله بن عمر يقول :”إذا أصبحت فلا تنتظر المساء . إذا أمسيت فلا تنتظر الصباح ،وخذ من صحتك لمرضك ومن حياتك لموتك ” [رواه البخاري].
فإذا تفرغ قلبك من شواغل الدنيا،فأصبع الوضوء كما أمرك الله متحرياً واجباته وشروطه سننه لتكون على أكمل طهارة،ثم انطلق إلى بيت الله سبحانه بخطى ملؤها السكينة والوقار واحرص على الصق الأول يمين الإمام.عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:”ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟”قلنا:بلى يا رسول الله .قال :”إسباغ الوضوء على المكاره،وكثرة الخطى إلى المساجد ،وانتظار الصلاة بعد الصلاة،فذلكم الرباط.فذلكم الرباط”[رواه مسلم والترمذي]
وقال صلى الله عليه وسلم :”لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ،ينتظر الصلاة ،والملائكة تقول:اللهم اغفر له.اللهم ارحمه.حتى ينصرف أو يحدث”قيل وما يحدث؟قال:”يفسو أو يضرط”[رواه مسلم].
وقد كان السلف رحمهم الله يستعدون للصلاة أيما استعداد سواء كانت فرضاُ أم نفلاً .روي عن حاتم الأصم أنه سئل عن صلاته،فقال:إذا حانت الصلاة،أسبغت الوضوء ، وأتيت الموضع الذي أريد الصلاة فيه،فأقعد فيه حتى تجتمع جوارحي،ثم أقوام ‘لي صلاتي ،وأجعل الكعبة بين حاجبي ،والصراط تحت قدمي ،والجنة عن يميني،والنار عن شمالي ،وملك الموت ورائي ،وأظنها آخر صلاتي ،ثم أقوم يسن يدي الرجاء والخوف ,أكبر تكبيراُ بتحقيق ,وأقرأ بترتيل ،وأركع وكوعاً بتواضع وأسجد سجوداً بتخشع..وأتبعها الإخلاص ،ثم لا أدري أقبلت أم لا؟.
*ومن الاستعداد للصلاة أن تقول المؤذن غير أنه إذا قال:”حي على الصلاة حي على الفلاح”فقل:”لا حول ولا قوة إلا بالله “ثم ذلك بما صح عن رسول صلى الله عليه وسلم من الأدعية المأثورة ومن ذلك :”اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة ,آت محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته”[رواه البخاري] واعلم – أخي الكريم – أن أداء النوافل والرواتب تزيد من خشوع المؤمن في الصلاة ،لأنها السبب الثاني الموجب لمحبة الله .كما قال جل وعلا في الحديث القدسي :”ولا يزال عبدي يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه”[رواه البخاري ].

4) فقه الصلاة : وإنما جعل فقه الصلاة من أسباب الخشوع ،لأن الجهل بأحكامها ينافي أداءها كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم ،ولأن خشوع المسيء صلاته ،لا يفيده شيئاً في إحسانها ولا يكون له كبير ثمرة حتى يقيم صلاته كما أمر الله.
ولقد صلى رجل أمام رسول الله عليه وسلم فأساء صلاته،فقال له النبي صلى الله عليه وسلم “ارجع فصل فإنك لم تصل”[رواه البخاري ومسلم وأبو داود].
فيجب عليك – أخي الكريم – أن تعلم أركان الصلاة وواجباتها ، وسنن الصلاة ومبطلاتها ،حتى تعبد الله بكل حركة أو دعاء تقوم به في الصلاة.قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :”صلوا كما رأيتموني أصلي”.

5) اتخاذ السترة : وذلك حتى لا يشغلك شاغل ولا يمر يديك مار سواء من الإنس أو الجن ،فيقطع عليك صلاتك ويكون سبباً في حرمانك من الخشوع.
عن سهل بن حثمة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :”إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته”[رواه النسائي وأبو داود].
وأعلم أخي الكريم أن اتخاذ السترة في الصلاة ,قد تهاون فيه كثير من الناس،وذلك لجهلهم بما يوقعه من السكينة والهدوء في قلب المصلي ولجهلهم بحكمه في الصلاة.

6) تكبيرة الإحرام: أخي الكريم – أما وقد عرفت ربك والتزمت بأمره واتبعت سبيله ،فلبيت نداءه وتركت ما سوى ذلك من حطام الدنيا وراء ظهرك ,وأقبلت على ملاك أحسن إقبال بصدق وصفاء وإخلاص ،- أما وقد حصل لك ذلك الاستعداد كله – فاعلم أن تكبيرة الإحرام هي أول شجرة تقطف مها ثمرة الخشوع والذل والانكسار،تقطفها وتتذوق حلاوتها حينما تتصور وقوفك بين يدي الله ، وحينما تغرق تفكيرك في معاني “التكبير” فتتصور قدر عظمة الله في هذا الكون ،وتتأمل – و أنت تكبر – في قول الله جل وعلا { وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ} [البقرة : 255] ثم تتأمل قول ابن عباس رضي الله عنه أن الكرسي موضع القدم،فحينئذ تدرك حقيقة الله أكبر”.تدركها وهي تلامس قلبك الغافل عن الله فتوقظه,.وتذكره بهزل الموقف وعظم الأمانة التي تحملها الإنسان ولم يؤديها عرضت عليها .تدرك أخي الكريم – حقيقة التكبير وأسراره وتنظر إلى حالك مع الله وما فرطت في جنبه سبحانك ثم تتيقن أنه سبحانه قد نصب وجهه لوجهك في لحظه التكبير لتقيم الصلاة له راجياً رحمته وخائفاً من عذابه ،إنه لموقف ترتعش له الجوارح وتذهل فيه العقول .كان عامر بن عبد الله من خاشعي المصلين وكان إذا صلى ضربت ابنته بالدف ،وتحدث النساء بما يردن في البيت ولم يكن يسمع ذلك ولا يعقله .وقيل له ذات يوم:هل تحدثك نفسك في الصلاة بشيء؟قال:نعم ,بوقوفي بين يدي الله عز وجل ,و منصرفي إلى إحدى الدارين ،قيل فهل تجد شيئاً من أمور الدنيا؟ فقال:لأن تختلف الأسنة في أحب إلي من أن أجد في صلاتي ما تجدون.
فهكذا كان السلف إذا دخلوا في الصلاة فكأنما رحلت قلوبهم عن أجسادهم من حلاوة ما يجدون من الخشوع والخضوع.

7) التأمل في دعاء الاستفتاح: وأدعيه الاستفتاح كثيرة،وكلها تشمل معاني التوحيد والإنابة وعظم الله وقدرته وجلال وجهه ،لذلك فالتأمل فيها يورث أخي الحبيب هذه المعاني العظيمة التي تهز القلب وتحرك الشوق وتقوي الأنس بالله جل وعلا.ومن الأدعية المأثورة:”وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفاً مسلماً وما أنا من المشركين ،إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين ،لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين “[رواه مسلم].
قال القرطبي :”أي قصدت بعبادتي وتوحيدي له عز وجل وحده “[تفسير القرطبي 7/28].

8) تدبر القرآن في الصلاة: وأعلم – أخي الكريم – أن تدبر القرآن من أعظم أسباب الخشوع في الصلاة ,وذلك لما تشتمل عليه الآيات من الوعد والوعيد وأحوال الموت ويوم القيامة وأحوال أهل الجنة والنار وأخبار الأنبياء الرسل وما ابتلوا به من قومهم من الطرد والتنكيل والتعذيب والقتل وأخبار المكذبين بالرسل وما أصابهم من العذاب والنكال،وكل هذه القضايا تسبح بخلدك أخي الكريم فتهيج في قلبك نور الإيمان وصدق التوكل وتزيدك خشوعاً على خشوع وكيف لا وقد قال الله جل وعلا: {لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُّتَصَدِّعاً مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ }[الحشر : 21] .ولذلك استنكر الله جل علا على الغافلين عن التدبر غفلتهم فقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد : 24] وقال تعالي أيضاً:{ أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً} [النساء : 82].
ويتعين التدبر في سورة الفاتحة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال :سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “قال الله تعالى :قسمت الصلاة بيني عبدي نصفين ولعبدي ما سأل ،فإذا قال العبد {الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ }[الفاتحة : 2] قال تعالى :حمدني عبدي .وإذا قال {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} [الفاتحة : 4] قال مجدني عبدي .وإذا قال {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة : 5] قال:هذا بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل .فإذا قال:{ اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ [الفاتحة : 7,6] قال :هذا لعبدي ولعبد ما سأل “[رواه مسلم].

9) التذيل لله في الركوع : أما الركوع لله فهو حالة يظهر فيها التذلل لله جل وعلا بانحناء الظهر والجبهة لله سبحانه ،فينبغي لك أخي الكريم أن تحسن فيه التفكر في عظمة الله وكبريائه وسلطانه وملكوته،وأن تستحضر فيه ذنبك وتقصيرك وعيبك،وتتفكر في قدر الله وجلاله وغناه ،فتظهر حاجتك وفقرك وتذللك لله وحده قائلاً:”اللهم لك ركعت ،وبك آمنت ،ولك أسلمت ،خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي”[رواه مسلم]، ثم عند قيامك من الركوع فقل سمع الله لمن حمده،ومعناها:سمع الله حمد من حمده واستجاب له ،ثم احمد الله بعد ذلك بقولك :”ربنا لك الحمد حمداً طيباً مباركاً فيه ملء السماوات وملء الأرض وملء ما بينها وملء ما شئت من شيء بعد” وتذكر أنك مهما حمدت الله على نعمه فإنك لا تؤدي شكرها.قال تعالى:{ وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا َّ }[النحل : 18].وهذا التأمل يزيدك إيماناً بتقصيرها في جنب الله ويعمق في نفسك معاني الانكسار والذل وطلب الرحمة من الله وكل هذه الأشياء محفزات لخشوعك في الصلاة.

10) استحضار لقرب من الله في السجود: لئن كان القيام والركوع والتشهد في الصلاة،من أسباب الخشوع و الاستكانة والتذلل لله ،فإن السجود هو أعلى درجات الاستكانة وأظهر حالات الخضوع لله لعلي القدير.
فاعلم أخي الكريم :أنك إذا سجدت تكون أقرب إلى الله ،ومتى استحضر قلبك معني القرب من خالق ومبدع الكون،متى تصور ذلك كذلك خضع وخشع.وتصور حالك وأنت أقرب إلى ملك عظيم من ملوك الدنيا تود الحديث إليه،ألا يصيبك من الارتباك والسكون ما يغير حالك ويخفق قلبك،فكيف وأنت أقرب في حالة سجودك إلى الله ذي الملك والملكوت والعز و الجبروت. ولله المثل الأعلى .واعلم أن السجود أقرب موضع لإجابة الدعاء،ومغفرة الذنوب ورفع الدرجات.قال الله تعالى: {َاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ }[العلق : 19]. وقال صلى الله عليه وسلم :”أقرب ما يكون العبد من ربه هو ساجد،فأكثروا الدعاء فيه”[رواه مسلم] وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجوده:”سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة”[رواه أبو داود والنسائي] ويقول أيضاً:”اللهم اغفر لي ذنبي كله ،دقه وجله ،وأوله وآخره،وعلانيته وسره”[رواه مسلم] والأدعية الواردة في السجود كثيرة ليس هذا محل بسطها.

11) استحضار معاني التشهد: وذلك لأن التشهد اشتمل على معاني عظيمة جليلة،فإذا تأملت فيها – أخي الكريم – أخذت بمجامع قلبك وألقت عليك من ظلال السكينة والرحمة ما يلبسك ثوب الخشوع الاستكانة.إذا أنك في التشهد تلقي التحيات لله سبحانه،وهذا – والله – مشهد يستعذبه القلب ويخفق له ،ثم تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فيرد عليك السلام كما صح ذلك في الحديث ،ثم تستشعر معاني الأخوة في المجتمع الإسلامي حينما تسلم على نفسك وعلى عباد اله الصالحين،ثم تستعيذ من عذاب النار والقبر ومن فتنة المسيح الدجال وفتنة المحيا والممات ، وكلها تغمر القلب بمعاني اللجوء والفرار إلى الله والتقرب إليه بما يحب.