✨فوائد مقتبسة من تدبر قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ ۗ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ (165)

أ.فاطمة الجربوع ،حفظها الله

🍃محبة الله أعظم منزلة وأعلى مايتنافس عليه المتنافسون هي غذاء الأرواح وقوت القلوب
وهي أكبر عون من الله لقطع المسافات إليه
العبادات لها ثقل إلا أن يكون في القلب محبة صادقة
وهي ليست من فضول العلم بل هي العلم وأصل العلم ومن أوجب الواجبات أن أحقق محبة الله في قلبي بحيث تكون مقدمة على كل ماسواه
وهي أعلى شروط لا إله إلا الله
وشرك المحبة المخرج من الملة سببه خلل في محبة الله
و محبة الله هي روح الأعمال فمن يصلي ويصوم وليس في قلبه محبة الله لا روح في عباداته
وللآية بلا شك ارتباط قوي بماقبلها (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِن مَّاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (164)
☝🏻فمن عطّل العقل ولم ينتفع به جعل لله نداً والنّد هو الشبيه والنّظير (ومن الناس من يتخذ من دون الله أنداداً يحبونهم كحب الله )
ومن انتفع بعقله وكان من ( قومٍ يعقلون) صار من الذين وصفهم الله ( والذين آمنوا أشد حباً لله ) من أهل الأنداد لأندادهم .

📌 وللمحبة أقسام :-
الأول : محبة الله ولا تكفي وحدها في النجاة من الله من عذابه والفوز بثوابه فإن المشركين وعباد الصليب واليهود وغيرهم يحبون الله .

الثاني : محبة ما يحب الله من الأقوال والأفعال والأشخاص والأزمنة والأماكن وبمقدار تحقيق هذه المحبة يكون تحقيق محبتك الله وهذا النوع هو الذي يدخل في الإسلام ويخرج من الكفر وأحب الناس إلى الله أقومهم بهذه المحبة وأشدهم فيها .

الثالث : الحب في الله ولله وهي من لوازم محبة ما يحب الله ولا يستقيم محبة ما يحب الله إلا بالحب فيه وله فتحب من الناس من هو الأقرب إلى الله وظاهره أنه هو الأصلح فتوالي وتعادي على هذا الأساس ،والواجب تصحيح المفاهيم في مقاييس
المحبة والفوز والخسارة والفشل والنجاح بحسب موازين الله لا بحسب مصالح الدنيا وشهواتها

الرابع : المحبة مع الله وهى المحبة الشركية وكل من أحب شيئا مع الله لا لله ولا من أجله ولا فيه فقد اتخذه ندا من دون الله وهذه محبة المشركين ، وكذلك من أطاع مخلوقاً في معصية الله وقدم رضاه على رضى الله .

الخامس : المحبة الطبيعية وهي ميل الإنسان إلى ما يلائم طبعه مثل محبة الزوج والولد فتلك لا تذم إلا إن ألهت عن ذكر الله وشغلته عن محبته كما قال تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تلهكم أموالكم ولا أولادكم عن ذكر الله ) وقال تعالى : ( رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله ) وقوله تعالى (قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ (24)
هذه الآية من سورة التوبة االخطاب فيها للمؤمنين لكن بماذا ختمت ؟!
ختمت بوصف الفاسقين !!
إذا تعارضت محابك الطبيعية مع ما يحب الله من إحلال ما أحل أو تحريم ماحرّم أو فوّت بسبب هذه المحاب طاعة أو نقصتها ، وواصلت تقديم التنازلات تلو التنازلات حتى تبيع دينك بعرض من الدنيا [لابأس بلبس العاري أو استماع موسيقى لأنها ليلة العمر ] !!
فإذا قدمت رضاهم ( فتربصوا حتى يأتي الله بأمره والله لا يهدي القوم الفاسقين )
والخوف أن نستبدل ( فسوف يأتي الله بقومٍ يحبهم ويحبونه)( وإن تتولوا يستبدل قوماً غيركم ثمّ لا يكونوا أمثالكم )
اللهم استعملنا ولا تستبدلنا .

📌ومحبة الله لا تأتي بالتمني بل لها أسباب ووسائل لتكون عوناً على أن أحب الله ويحبني الله :-

١/ تدبر كتاب الله : فيكون تدبر القرآن همّي وشغلي الشاغل حتى ألقى الله ولا يتم إلا بمزيد من التفكر والتفهم وإطالة النظر ، وأسأل نفسي هل عملت بهذه الآية ؟ أو هل تخلقت بهذه الصفة ؟ وكل موقف هولٍ وعذاب لا أبرئ نفسي منه وكل موضع يذكر فيه الرحمة والنعيم أسأل الله أن يجعلني من أهله ، ويكون كتاب الله منهج حياة .

٢/ التفكر في الآيات والأنفس وهو جزءٌ من تدبر كتاب الله ، لأنك كلما تفكرت في خلق الكون وإعجازه وكيف أن الله خلقه ليقودنا إليه وكيف سخر مافي هذا الكون لنا ، ازداد تعظيمك لله وازدادت محبتك له

٣/ كثرة ذكر الله : ( إن في خلق السماوات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ماخلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار…)

وهذه مرتبطة بماقبلها ، والمهم العود بالتدبر على التفكر وبالتفكر على التذكر .
واذا اجتمعت على العبد الغفلة وقلة الذكر فسببه ضعف التدبر والتفكر .

٤/ التخلي عن الشواغل والقواطع والمراد بذلك اللغو وهو أي عمل أو قول لست مضطراً له في الدنيا أو ينفعك عند الله في الآخرة وذاك هو شعث القلوب ويدخل في ذلك كثرة الخواطر والهواجس
فيما لا فائدة فيه ، وذلك كله مشغلٌ عما يعيننا على محبة الله ( قد أفلح المؤمنون (١)الذين هم في صلاتهم خاشعون (٢)وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ )

٥/ التعرف على الله بأسمائه وصفاته: وذلك أيضاً لا يتأتى إلا بالتدبر في كتابه والتفكر في آياته فتبصر أسماءه وصفاته في كل حكم كوني أو شرعي وتستعين بالكتب والشروح لأسماء الله الحسنى والسماع من أهل العلم الثقات وكلما ازددت زاد إدراكك لمدى كمال الله عزّوجل فتزداد له حباً وتعظيماً لأن النفوس مفطورة على حب الكمال والجمال

٦/ تقديم مايحبه الله ويرضاه على ماتهواه نفسك أو على هوى من تحب ( لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعاً لما جئت به )
تقديم محاب الله على غلبات الهوى

٧/ التقرب إلى الله بالنوافل((َمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ )) وقد يكون كثير منّا يكثر النوافل ومع ذلك لا يجد الأنس بالله والسبب هو التفريط وضعف الفقه بما افترضه الله عليه كمن يكون حافظاً لكتاب الله لكن غير بار بوالديه !
((وما تقرب لي عبدي بشيء أحب إليّ مما افترضته عليه))
فنحتاج أن نعبد الله بما افترض وأوجب وأوجب الواجبات هو تحقيق توحيد الله ثم التقرب إليه بفرائض العبادات ثم بالنوافل ، ومن مداخل الشيطان أن يسكن العبد بفعل النوافل فينسيه ليقع في المحرمات ويقصر في الواجبات

٨/ الخلوة مع الله وقت النزول الإلهي وختمها بالتوبة والإستغفار ، فمن يترك لين الفراش ودفئه في الشتاء لوقام لم يعلم به أحد ولو نام لم يعلم به أحد ويستشعر أن ذلك ليس بحوله ولا قوته إنما بتوفيق الله وحده ، فيجاهد قلبه حتى لا يبقى به ذرة عجب ، ويختم بالاستغفار والتوبه ، استغفار القلوب حتى لا يحبط العمل

٩/ صحبة المحبين الصادقين لله وهؤلاء الناس الذين إذا جالستهم تقوم وقد ازددت إيمانا وحباً لله وذلك يحتاج أن يكون صمتك أكثر من كلامك وألّا تستغرق في المباحات.
١٠/ معرفة الله بنعمه وبره وإحسانه على العبد وهذه التي يحصل فيها النقص عند أكثر المسلمين فعندهم ضعف في استشعار لنعم الله وبالتالي ضعف لمحبة الله،لأن المفاهيم والمقاييس مغلوطه ولو كان هناك قياس صحيح لعرف أن الله لم ينعم علي إلا بأن هداني إليه هي أعظم نعمه،وكل ما جاء بعدها فالحمدلله وإن نقص فلا يضر.
شعورك بالنعم وشكر الله عليها ونسبتها إليه هو أعظم دواعي محبة الله لأن العبد بفطرته يحب من يحسن إليه وينفعه.
١١/ الدعاء والتضرع بين يدي الله هو السبيل لتحقيق غايات فإن لم يكن لك عون من الله فلست بشيء .
استغث بالله وتضرع بين يديه كأنك بُليت بمرض عضال،ليكن حال القلب كذلك لتشفى من أمراض القلوب ، ولتكثر من سؤال الله أن يرزقك حبه وحب من يحبه وعمل كل شيء يقربك إلى حبه .
لن يذوق حلاوة الإيمان إلا من كان الله ورسوله أحب إليه مماسواهما قولاً وعملا.
(ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب )
📌ظلموا أنفسهم بأن جعلوا لله ندا ومن جل لله نداً فقد استلزم ذلك محبته وتعظيمه وطاعته والانقياد له
📌وظلموا غيرهم بأن حملوهم وجرّأوهم على الشرك بالله ومعصيته .
📌فلو يرون بقلوبهم وبصيرتهم وبعلم اليقين لديهم في الدنيا مشهد العذاب والذي سيكون عين اليقين وحق اليقين يوم القيامة

( إنّ القوة لله جميعاً)

📌كل من أحب أحداً مع الله وقدّم رضاه وطاعته فإنما لقوة تأثيره عليه إما لقوة سلطة أو كلمة ( زخرف القول) ، أو قوة جمال أو قوة كمال أو قوة نوال منفعة أو دفع ضر .

📌ومن كان لمحبة الله تأثير في قلبه تجده يسارع في الطاعات ويتجنب المعاصي فماوقع العاصي في معصيته إلا لقوة تأثيرها في قلبه .

📌في ذلك اليوم ستنكشف الحقائق فيرون بأعينهم وأبصارهم عين اليقين وهي أن القوة والقدرة كلها لله فلم يكن يستحق أن يُحب ويُعظم ويُطاع ويُنقاد له إلا هو سبحانه ،فاستحقوا بتلك الأنداد شدة العذاب الذي لن تدفعه عنهم ولن تغني عنهم من الله شيئا .

🔹اللهم إنا نسألك محبتك و جنتك و نعوذ بك من عذابك وعقابك ، والحمدلله رب العالمين وصلّى الله على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.